أثر الإعلام الاجتماعي في الشرق الأوسط

لا يعد تبني الإعلام الاجتماعي من قبل الشركات والأعمال ظاهرة جديدة كليا. فقد أشارت إحدى الدراسات التي أجريت على أكثر من 2000 شركة من قبل هارفرد بزنس ريفيو عام 2010 إلى أن أكثر من ثلثي الشركات كانت تستخدم الإعلام الاجتماعي بالفعل أو كانت تخطط لاستخدامه. واليوم، من المتوقع أن يزيد الحضور المؤسسي على شبكات التواصل الاجتماعي مع تعمق هذه الأدوات في حياتنا يوماً بعد يوم.

وقد أدى ذلك إلى ظهور عدد من المخاطر الجديدة بالنسبة للأعمال منها السرعة التي قد ينتشر بها انتقاد الشركة، واحتمال الكشف عن معلومات حساسة أو سرية عبر شبكة الإنترنت، فضلاً عن زيادة حاجة قادة الأعمال إلى إظهار العلاقات بينهم وبين أصحاب المصلحة أمام الجمهور. وتعد أعلى مخاطر عالم الإعلام الاجتماعي هو تضخيم الأثر المحتمل في حال قيام ممثل إحدى الشركات بالتصريح بشيء غير صحيح في وقت غير صحيح.

لم يغفل قادة المؤسسات هذا الأمر، فقد أشارت دراسة عالمية نشرتها شركة ديلويت العام الماضي إلى أن كبار المسؤولين التنفيذيين في 300 من كبرى الشركات يرون أن المخاطر المتعلقة بالإعلام الاجتماعي تعد "أكبر مصادر القلق" بالنسبة لهم.

على الرغم من ذلك، لا يمكننا إنكار المنافع المحتملة للإعلام الاجتماعي بالنسبة للأعمال. فعندما يتم السيطرة عليه بصورة ملائمة وفعالة، فإن قوة الإعلام الاجتماعي قد تمكن الشركات من تحقيق درجات أعلى من الشفافية والمساءلة فضلاً عن تعزيز علاقاتها مع أصحاب المصلحة الرئيسيين. ومن هنا، نجد أن استخدام الإعلام الاجتماعي يمكنه أن يشجع على تطبيق ممارسات أفضل للحوكمة المؤسسية ويؤدي إلى ثقة أكبر من قبل أصحاب المصلحة، وفي النهاية يساعد على خلق القيمة في المؤسسات.

ومع ذلك، لا يتعين على شركات الشرق الأوسط مجرد اقتباس استراتيجيات الإعلام الاجتماعي من مناطق أخرى حول العالم دون تعديلها بما يلائم المنطقة. ثمة عوامل ثقافية وديموغرافية أساسية من شأنها التأثير على طريقة استخدام الشركات لهذه الأدوات من أجل نشر المعلومات والمشاركة في حوار مع الجمهور المحلي.

أولا، أهم ما يميز مجتمعاتنا هي الثقافة المبنية على العلاقات. وعليه، فكلما توجهت اتصالات الشركات نحو استخدام الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي كلما زادت حاجة الأعمال إلى توخي الحرص لكي لا تخسر الصلة الشخصية عند التواصل مع أصحاب المصلحة.

وقد يقصد بذلك ضمان إدارة حساب الشركة على "تويتر" من قبل شخص حقيقي وليس أداة مجهولة، أو التركيز بصورة أكبر على المنصات التي تعرض مقاطع الفيديو التي يتواصل فيها المتحدث باسم الشركة بصورة مباشرة مع أصحاب المصلحة والجمهور الأعرض.

ثانياً، غالباً ما يُطلب من مؤسسات وشركات الشرق الأوسط – وهنا في الإمارات العربية المتحدة بطبيعة الحال– عرض المعلومات المؤسسية على جمهور متعدد اللغات. وقد يمثل ذلك تحديا عندما يكون الموضوع معقدا أو يشمل الكثير من الاصطلاحات التقنية أو التنظيمية التي لا يسهل ترجمتها. يعد استخدام المعلومات المصورة والرسوم البيانية والعناصر المرئية الأخرى – والتي يمكن مشاركتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي – من أجل زيادة التواصل، الأمر الذي سيساعد الشركات على التغلب على الحواجز اللغوية وزيادة فرص فهم الرسالة من قبل أكبر قاعدة ممكنة من الجمهور.

ثالثاً، يتعين على مؤسسات وشركات المنطقة أن تأخذ دائماً بعين الاعتبار عدد الشباب المتزايد بين سكان منطقة الشرق الأوسط. وفقا لمركز بروكنجز، تتراوح أعمار 30% من سكان المنطقة بين 15 و29 عاماً ما يعني أكثر من 10 مليون شاب بين سكان المنطقة. وقد نمى معظم هذا الجيل في عصر التواصل الرقمي، وهم من سيمثلون في النهاية الأغلبية العظمى من مستهلكي وشركاء وموظفي الشركات الإقليمية.

ومن هذا المنطلق، يجب فهم كيفية استخدام جمهور الشباب للإعلام الاجتماعي وكيف يفضلون تلقي ومشاركة المعلومات وترسيخ ذلك في استراتيجية الشركة الخاصة بالاتصالات وإعداد التقرير في المنطقة. قد لا يكون عهد النسخ الورقية من التقارير السنوية انقضى بعد، إلا أن عهد نشر نتائج الشركة ببساطة على موقعها على الإنترنت يجب أن يبدأ.

إن الإعلام الاجتماعي أصبح بلا ريب طريقة أساسية لمشاركة المعلومات والتواصل مع الآخرين. ولازالت العديد من الشركات حول العالم تحاول اللحاق بالنمو السريع لهذه التقنيات وتأثيرها على الحوكمة المؤسسية والاتصالات. فبدلاً من اقتباس استراتيجيات الإعلام الاجتماعي من أماكن أخرى حول العالم، يتعين على قادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط الأخذ بعين الاعتبار أن الخصائص الثقافية والديموغرافية قد تكون ذات تأثير مماثل عبر الإنترنت كما هي في الحياة الواقعية.

بدر جعفر هو مؤسس مبادرة بيرل والرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع

كما هو منشور على موقع صحيفة الخليج بتاريخ 3 أغسطس 2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

31  +    =  35