اجتماع الحوكمة المؤسسية والعالمية في الأمم المتحدة

وقد كان الموضوع الرئيسي لجلسة هذا العام من اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة هو "وضع وتنفيذ جدول أعمال التنمية لما بعد عام 2015". وقد ذكرني اجتماع قادة العالم من أجل وضع استراتيجية طويلة الأجل للمجتمع الدولي بالتحديات التي تواجهها مجالس إدارة الشركات عندما تسعى لإضافة قيمة وجمع كافة أصحاب المصلحة خلف رؤية واحدة للمستقبل.

وتعد إحدى المسؤوليات الأساسية لأي مجلس إدارة هي تحديد المخاطر المحتملة. فبينما يجب على الفرق التنفيذية التركيز على التحديات اليومية المباشرة، تلعب مجالس الإدارة دوراً هاماً في وضع الرؤية طويلة الأجل للتوجهات والتحديات التي قد تؤثر على الشركة في المستقبل.

تلعب الجمعية العمومية للأمم المتحدة دوراً مماثلاً لضمان استعداد المجتمع الدولي بصورة ملائمة للأحداث العالمية المحتملة مثل انتشار مرض الإيبولا والذي يؤثر حالياً على أجزاء من أفريقيا فضلا عن أحداث العنف الجارية في عدد من الدول حول العالم. وبينما تقوم الوكالات الفردية بلعب دور القيادة فيما يتعلق بقضايا الصحة والأمن والجرائم عبر الحدود بصفة يومية، تعد الجمعية العمومية للأمم المتحدة فرصة أساسية لتمكين صناع القرار حول العالم من دراسة هذه القضايا بصورة شمولية.

وتتمثل المسؤولية الثانية لأعضاء مجلس الإدارة في دراسة ومناقشة الاستراتيجيات المؤسسية. طبقاً لدراسة أصدرتها ماكنزي، يتعين على كافة أعضاء مجلس الإدارة "المشاركة في مناقشات استراتيجية وتشكيل رأي مستقل والعمل عن كثب مع الفريق التنفيذي لضمان وضع الأهداف طويلة الأجل بصورة فعالة والعمل على تحقيقها." بصفة عامة، يتم على مستوى مجلس الإدارة اختبار القرارات الاستراتيجية ومناقشتها من أجل تبنيها أو صرف النظر عنها. أشارت دراسة قامت بها ديلويت في الولايات المتحدة عام 2012 إلى أن 54% من شركات القطاع العام أفادت بمناقشة استراتيجية الشركة في كل اجتماع من اجتماعات مجلس الإدارة، وهي النسبة التي ارتفعت بصورة ملحوظة مقارنة بالعام الذي سبقه.

ومن خلال الحوار العام الذي يعقد في شهر سبتمبر من كل عام، تقوم الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتقديم فرصة رفيعة المستوى لإثارة ومناقشة معظم القضايا الملحة الواردة في جدول الأعمال العالمي. وينبغي أن تكون هذه النقاشات شاملة ودقيقة وتتم بطريقة احترافية من أجل تحقيق الغرض منها. وليس تحقيق ذلك بالأمر السهل من قبل منظمة خاضعة لراقبة صارمة مثل الأمم المتحدة. لذلك، ينبغي إجراء بحث دقيق من قبل كافة أصحاب المصلحة ذوي الصلة لاستراتيجيات الحوكمة العالمية قبل الاتفاق عليها وتطبيقها، سواء كان ذلك يتم علنا أو سرا أو مزيج من الاثنين.

ختاماً، يعد التحديد الواضح لدور مجلس الإدارة من الأهمية بمكان. ووفقاً لدراسة ماكنزي "سوف تواجه مجالس الإدارة مخاطر سوء التفاهم وفقد الثقة وعدم الفعالية ما لم يتم تحديد الأدوار بصورة واضحة؛ مثل العلاقة بين رئيس مجلس الإدارة وكل من الإدارة من ناحية ومجلس الإدارة من ناحية أخرى." في إطار النظام الدولي المشحون سياسياً في الأمم المتحدة، يعد تحديد الأدوار والمسؤوليات على درجة كبيرة من الأهمية إذا ما كانت هناك رغبة في اتخاذ قرارات فعالة والحفاظ على اتساقها.

إذا اعتبرنا الجمعية العمومية للأمم المتحدة مجلس إدارة مؤسسي، فهي تعتبر واحدة من أقدم مجالس الإدارة وأكبرها وأكثرها تنوعا على مستوى العالم. فقد تأسست الجمعية العمومية عام 1945 وتشتمل عضوتيها على ممثلين من 193 دولة يضع كل منهم أولوياته ووجهات نظره على طاولة النقاش. ويجب على عدد من مجالس إدارة القطاع الخاص، إن وجدت، البحث في هذه المجموعة المتنوعة من الاهتمامات. ومن المتوقع من عدد منها دراسة قضايا ذات أهمية كبيرة بالنسبة للبشرية.

لعل ذلك هو السبب في التنوع الذي تشهده الحوكمة المؤسسية والعالمية. ومع ذلك، إنني أؤمن بأن مبادئ الحوكمة المؤسسية لا سيما ممارسات مجلس الإدارة الجيدة قد تساعد مؤسساتنا الدولية في جمع المزيد من أصحاب المصلحة معاً من أجل تحقيق مستقبل أفضل للجميع.

كما هو منشور على موقع الاقتصادي بتاريخ 2 نوفمبر 2014

المراجع

http://www.mckinsey.com/insights/strategy/building_a_forward-looking_board

http://www.corpgov.deloitte.com/binary/com.epicentric.contentmanagement.servlet.ContentDeliveryServlet/USEng/Documents/Board Governance/Deloitte Board Practices Report 2012.pdf

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5  +  2  =